رثاء أمير المؤمنين (ع) للسيدة الزهراء سلام الله عليها
ألا هل إلى طول الحياة سبيلٌ *** وأنى هذا الموت لـيس يحولُ
وإني وإن أصبحت بالموت موقناً * فلي أملٌ مـن دون ذاك طويلٌ
وللدهر ألوانٌ تروح وتغـتدي ***** وإنّ نفـوساً بـيـهن تـسيلُ
ومنـزل حـقٍ لا معرّج دونه ***** لكلِّ امرئ منها إليه سبيلُ
قطعت بأيام التعـزر ذكره ***** وكلُّ عزيـز ما هناك ذلــيلُ
أرى علل الـدنيا عليَّ كــثيرةً *** وصاحبها حتَّى الـممات عليلُ
وإني لمشتاق إلى من أحبه ** فهل لي إلى من قد هويت سبيل؟
وإني وإن شطّت بي الدّار نازحاً ** وقد مات قبلي بالفراق جميلُ
فقد قال في الأمثال في البين قائلٌ *** أضرَّ به يوم الفراق قليلُ
لكلِّ اجتماعٍ من خليلين فرقة *** وكلُّ الذي دون الفراق رحيلُ
وإن افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ **** دليلٌ على أن لا يدوم خليلُ
وكيف هناك العيش من بعد فقدهم ** لعمرك شيءٌ ما إليه سبيلُ
سيُعرضُ عن ذكري وتُنسى مودتّي * ويظهر بعدي للخليل عديلُ
وليس خليلي بالملول ولا الذي ** إذا غبت يرضاه سواي بديلُ
ولكن خليلي من يدوم وصاله**** ويحفظ سرّي قلبُهُ ودخيلُ
إذا انقطعت يوماً من العيش مدَّتي *** فإن بكاء الباكيات قليلُ
يريد الفتى أن لا يموت حبيبه *** وليس إلى ما يبتغيه سبيلُ
وليس جليلاً رزء مالٍ وفقده **** ولكنَّ رزء الأكرمين جليلُ
لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجعٌ * وفي القلب من حرِّ الفراق غليلُ
اللهم اجعلنا من شيعة الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها
والسر المستودع فيها ولا تفرق
بيننا وبينهم في الدنيا والآخرة