-----------------------------------------------------------
فضل الصلاة على محمد وآل محمد
إن أي قلم يكتب في فضائل الصلاة على محمد و آل محمد سوف يجف و تنفذ الأوراق . لكننا في هذه السطور سنوجز بعض الفضائل للفائدة و لجزيل الثواب بإذن الله ، إذ إننا على يقين من الأجر من خلال الكتابة في مثل هذا الموضوع و هو خير الدنيا و الآخرة إن شاء الله .
قال صلى الله عليه و آله وسلم : "من صلى علي عند قبري وكلَّ الله به ملكاً يبلغني ، و كُفي أمر دنياه وآخرته وكنت له يوم القيامة شهيداً أو شفيعاً " .
من خلال ما تقدم سنتناول فضل الصلاة على محمد و آله من عدة نقاط و هي :
أولاً : معنى الصلاة على محمد و آل محمد
العديد من المفسرين و اللغويين و شراح الحديث تعرضوا لمعنى الصلاة على محمد و آل محمد و حاصل الجميع أنها " الدعاء و الثناء و التبجيل و التعظيم و الرحمة ".
إن صلاة الله تعالى على نبيه هي تعظيمه في الدنيا بإعلاء كلمته و إبقاء شريعته و في الآخرة بتضعيف مثوبته و الزيادة في رفع درجته ، و إن كانت الصلاة من الملائكة فمعناها الدعاء له و الثناء عليه ، و إن كانت من المؤمنين فمعناها الدعاء له برفع درجته و علو منزلته .
عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام أنه قال : " صلاة الله رحمة من الله ، و صلاة الملائكة تزكية منهم له ، و صلاة المؤمنين دعاء منهم له " .
و عليه فالمراد من صلاة الله تعالى هي تعطفه على رسوله بالمزيد من الرحمة و صلاة الملائكة استغفارهم له و هو يوجب الرحمة أيضاً و صلاة المؤمنين هي تعطفهم على الرسول بطلب التعطف من الله تعالى له . وفي الشق الثاني " تكملة الصلاة " أي آل محمد وقع الخلاف في المراد من آل محمد ؟ فقيل أنهم أصحاب الكساء و قيل مطلق الذرية و في هذا اختلافات كثيرة و الموضوع يطول لذلك نكتفي نحن الإمامية بالقول الأول أنهم أصحاب الكساء .
و من يحب الزيادة في هذا الموضوع يراجع "النور المبين في فضل الصلاة على محمد و آله الطاهرين للسيد حسين طالب " .
ثانياً : خواص الصلاة على محمد و آل محمد
للصلاة على نبينا محمد و آله الطاهرين خواص و فوائد و آثار تعود إليهم و إلى المصلي من العباد ، أما الفوائد التي تعود إلى المصلي فهي عديدة نذكر منها ما يلي :
1- تلبية نداء الله تعالى و رسوله:
قال تعالى " إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما " فمعنى قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا " نداء و دعوة منه تعالى للذين تشرفوا بالإيمان أن يصلوا على النبي"ص" أداءً لحقه الواجب عليهم تجاهه فمن يصلي عليه في الصلاة الواجبة و في غيرها من الأزمنة و الأمكنة فهو يلبي نداء و يستجيب لدعوته تبارك وتعالى .
أنها من تمتم الصلاة : إن من صلى الصلاة الواجبة أو المستحبة و لم يصلي على محمد وآل محمد لم تقبل منه صلاة وفي الرواية سئل الإمام زين العابدين"ع" عن تمام الصلاة فقال : " الصلاة على محمد و آل محمد " .
2- زيادة الحسنات:
روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " من صلى علي من أمتي مرة واحدة كتبت له عشر حسنات ، و محيت عنه عشر سيئات ".
3- أنها من أفضل الأعمال:
عن عبد السلام بن نعيم قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام "أني دخلت البيت فلم يحضرني شيء من الدعاء إلا الصلاة على النبي و آله " فقال :عليه السلام " و لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت " .
4- تثقل الميزان:
روي أن أثقل ما يوضع في الميزان من الأعمال هو الصلاة على محمد و آله فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " أنا عند الميزان يوم القيامة فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة على حتى أُثقل بها حسناته " .
5- كفارة للذنوب:
روي عـن الإمام عـلي بن موسى الرضا عليهما السلام قال : " من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد و آله فإنها تهدم الذنوب هدماً " ، و عن الإمام علي عليه السلام : " الصلاة على النبي أمحق للخطايا من الماء للنار " .
6- الخروج من الظلمات إلى النور:
عن إسحاق بن فروخ قال : قال أبو عبدالله عليه السلام " يا إسحاق بن فروخ من صلى على محمد و آله عشراً ، صلى الله عليه و ملائكته ألفاً " أما تسمع قول الله تعالى " هو الذي يصلي عليكم و ملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور و كان بالمؤمنين رحيماً "
7- إنها ترفع النفاق:
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إرفعوا أصواتكم بالصلاة علي فإنها تذهب النفاق " .
8- تطرد الشياطين:
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " أن الشيطان إثنان ، شيطان الجن و يبعد بلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وشيطان الأنس و يبعد بالصلاة على النبي و آله " .
9- توجب محبة الله تعالى و القرب من النبي (ص):
فعن الإمام الهادي عليه السلام قال: " إنما اتخذ الله تعالى إبراهيم خليلاً لكثرة الصلاة على محمد و أهل بيته ".
10- إنها تعين على أهوال الآخـرة:
قـال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من صلى علي ألف مرة حرم الله جسده على النار ، وثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة و عند المسالة و أدخله الجنة و جاءت صلاته علي لها نور يوم القيامة على الصراط مسيرة خمسمائة عام ، و أعطاه الله بكل صلاة صلاها علي قصراً في الجنة قل ذلك أو كثر " .
11- أنها من موجبات الشفاعة:
فعن الإمام الباقر عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من أراد التوصل إلىَّ و أن تكون له عندي يد اشفع له بها يوم القيامة فليصلي على أهل بيتي و يدخل السرور عليهم ".
12-أنها توجب استجابة الدعاء:
عن الإمام علي عليه السلام قال : " كل دعاء محجوب عن السماء حتى تصلي على محمد و آله " ، و عنه عليه السلام قال : " إذا كانت لك إلى الله حاجة ، فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله"ص" ثم سل حاجتك ، فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي إحداهما و يمنع الأخرى "
13- أنها توجب قضاء الحوائج:
عن رسول الله " من عسرت عليه حاجة فليكثر بالصلاة علىَّ فإنها تكشف الهموم والغموم و تكثر الأرزاق و تقضي الحوائج " .
14- توجب التذكر بعد النسيان :
15-تزيل الفقر و تورث الغنى:
روي أن فقيراً شكا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من شدة الفقر فقال له: " إن أردت أن يغنيك الله فصلي علىَّ و على آلي ".
17- تورث العافية:
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من صلى على مرة فتح الله عليه باباً من العافية )) .
18- أنها توجب رؤية النبي"ص" أو الأئمة "ع" أو الموتى في المنام :
عن أبي هاشم قال : جاء رجل إلى الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام و قال : يابن رسول الله إن أبي قد مات و كان له مال و لست أقع على ماله و لي عيال كثير و أنا من مواليكم فأغثني فقال عليه السلام : " إذا صليت العشاء الآخرة فصلي على محمد و آل محمد فإن أباك يأتيك في النوم و يخبرك بأمر المال " ، ففعل الرجل ذلك فرأى أباه في النوم فقال يا بني مالي في موضع كذا فخذه و امضِ إلى ابن رسول الله و أخبره أني دللتك على المال فذهب الرجل و أخذ المال و أخبر الإمام بأمر المال فقال : " الحمد لله الذي أكرمك و اصطفاك ".
ثالثاً : فائدة الصلاة على محمد و آل محمد :
في النقطة الثانية تحدثنا عن الفوائد التي تعود على المصلي لكن هل أن فائدة الصلاة تعود أيضاً إلى النبي و آله الطاهرين ؟ ..
أن الفائدة تعود إلى المصلي فحسب كما ذكرنا أعلاه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم و الأئمة عليهم السلام قد بلغوا من الكمال و الفضل مرتبة لا يمكن الزيادة عليها و لم يبق من فضل و علو وسمو و كمال إلا وقد جمعوه لذلك فصلواتنا عليهم لا تزيدهم في كمالهم و علو درجاتهم و إنما تنفعنا بالتقرب بها إليهم صلوات الله عليهم .
كما يقول: الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة " غاية السؤال بالصلاة عائدة إلى المصلي لأن الله تعالى قد أعطى نبية من المنزلة و الزلفى لديه ما لا يؤثر فيه صلاة مصلي كما نطقت به الأخبار و صرح به العلماء الأخيار " .
رابعاً : أحكام الصلاة على محمد و آل محمد
وقع الكلام بين الفقهاء رضوان الله عليهم في حكم الصلاة على محمد و آل محمد فقيل بوجوبها في العمر مرة وقيل بوجوبها في كل مجلس مرة و قيل بوجوبها كلما ذكره الإنسان . إلا أن المشهور بين العلماء هو الاستحباب إلا في بعض المواضع منها :
1- في الصلوات الواجبة :
فعن أبو عبدالله عليه السلام قال : " إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تمام الصلاة إذا تركها متعمداً فلا صلاة له " .
2- في خطبة صلاة الجمعة.
و أما مواضع الاستحباب فهي عديدة نذكر منها على سبيل الحصر :
1- كلما ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
فعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: " البخيل حقاً من ذُكرت عنده فلم يُصلي علي "
2- عند الركوع و السجود:
فعن الباقر عليه السلام قال : " من قال في ركوعه و سجوده و قيامه : صلى الله على محمد و آله كتب له بمثل الركوع و السجود و القيام ".
3- بعد صلاة الفجر .
4- عند الدخول إلى المسجد و الخروج منه .
5- في كل مجلس:
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله تعالى و لم يصلوا على نبيهم إلا كان ذلك المجلس حسرة و بالاً عليهم " .
6- يوم الجمعة .
خامساً : كيفية الصلاة على محمد و آل محمد:
قال صلى الله عليه و آله وسلم: " قولوا اللهم صلي على محمد و آل محمد كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم أنك حميد مجيد و بارك على محمد و آل محمد كما باركت على إبراهيم و آل إبراهيم " . و عن أبي حمزة عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تعالى " إن الله و ملائكته ... " فقال : الصلاة من الله عز و جل رحمة و من الملائكة تزكية و من الناس دعاء ، و أما قوله عز و جل " و سلموا تسليماً " فإنه يعني التسليم له فيما ورد عنه . قال قلت له : فكيف نصلي على محمد و آله ؟ . قال عليه السلام : تقولون " صلوات الله و صلوات ملائكته و أنبيائه و رسله و جميع خلقه على محمد و آل محمد و السلام عليه و عليهم ورحمة الله و بركاته ".
ولا يخفى أن الاختلاف في كيفية الصلاة يقتضي العمل بأي واحد منهما إلا أن الكيفية المجزية ما ورد في التشهد و هي " اللهم صلي على محمد و آل محمد ".
سادساً : الصلاة البتراء:
ينبغي الصلاة على " آل محمد " بعد الصلاة عليه بأن يقول المصلي " اللهم صلي على محمد و آل محمد " و لا يُكتفى بقول " اللهم صلي على محمد " ، فإنها من الصلاة البتراء التي لا تقبل و توجب البعد عن رحمة الله تعالى و التي نهت عنها الأحاديث الشريفة المنقولة من طرف الشيعة و السنة .
عن طريق الشيعة :
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " من قال : صلى الله على محمد و آله ، قال الله جل جلاه : صلى الله عليك " فليُكثر من ذلك ، و من قال : صلى الله على محمد و لم يصلي على آله لم يجد ريح الجنة و ريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام " .
عن طريق السنة:
روى ابن حجر العسقلاني في الصواعق المحرقة ، عن النبي"ص" أنه قال : " لاتصلوا علي الصلاة البتراء فقالوا : و ما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللهم صلي على محمد و تمسكون بل قولوا : اللهم صلي على محمد و آل محمد " .
و في نهاية الموضوع ننقل لكم رواية من أروع الروايات في فضل الصلاة على محمد و آل محمد . روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " عندما وصلت إلى السماء ليلة المعراج رأيت ملكاً له ألف يد في كل يد ألف أصبع مشغولاً بالحساب و العد ، فسألت جبرائيل : من هو هذا الملك ؟ و ماذا يحسب ؟ قال جبرائيل : هذا الملك موكل بقطرات المطر يحصي كم قطرة تنزل من السماء إلى الأرض فقلت لذلك الملك : أنت تعلم كم قطرة من المطر نزلت من السماء إلى الأرض مذ خلق الله الدنيا . قال : يا رسول الله والذي بعثك بالحق إلى الخلق إني لأعلم بالإضافة إلى ما ذكرت كم قطرة نزلت في الصحراء و كم قطرة نزلت في المعمورة و كم قطرة في البساتين و كم قطرة في الأرض المالحة و كم قطرة في المقابر . قال رسول الله"ص" : فعجبت من حفظه و تذكره في الحساب ، قال : يا رسول الله و إني مع حفظي هذا و تذكري و أيدي و أصابعي لعاجز عن حساب شيء واحد ، قلت : ما هو ؟ قال : قوم من أمتك يجتمعون في مكان فيذكر اسمك أمامهم فيصلون عليك فإني لا أستطيع إحصاء ثوابهم " .
اللهم صلي على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و أرحمنا بهم يا كريم
__________________
اميري علي ونعم الامير [/color]